دأبت دولة الإمارات على مدار تاريخها على أن تتقدم صفوف دول العالم المانحة للمساعدات في المجالات الإنسانية والتنموية، لإيمانها بالسلام والتسامح وأهمية بناء حياة أفضل للإنسان، وارتباط الاستقرار والسلام بالتنمية، وذلك في امتداد لأسس إنسانية وضعها المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، واستفاد منها عبر عشرات السنوات أكثر من مليار شخص حول العالم.
ومن أجل تنسيق وتطوير هذا النهج أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً اتحادياً بإنشاء «وكالة الإمارات للمساعدات الدولية»، التابعة لمجلس الشؤون الإنسانية الدولية، لتنفيذ برامج المساعدات والاستجابة الإنسانية والإغاثية، واستكمال مسيرة يشار إليها بالبنان في مساعدة الشعوب على المستوى الإنمائي والإنساني، إذ بلغ حجم المساعدات العابرة للقارات في 50 عاماً أكثر من 98 مليار دولار شملت الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية، بغية الوقوف بجانب الدول في تحدياتها الاقتصادية والإنسانية.
ولم تغب الإمارات يوماً عن دورها الإنساني، ولعل المبادرات الإنسانية الضخمة منذ جائحة كورونا، مروراً بالزلازل في سوريا وتركيا، وإعصار درنة، والحرب الإسرائيلية الحالية في غزة ولبنان، والأزمة في السودان، واضحة للعيان، إذ أَلِفَت دولة الإمارات تلبية احتياجات الشعوب، دون ربط المساعدات بالتوجهات السياسية أو بالجغرافيا أو بأي معايير تفرق ولا تجمع، في تبنٍّ جلي لسياسة إنسانية تقوم على ثقافة التسامح والتعايش، ولهذا فليس مستغرَباً أن تتوزع المساعدات جغرافياً بين الدول العربية وقارات أفريقيا وآسيا وأوروبا والأميركتين وأوقيانوسيا.
إن العامل الإنساني في نهج الإمارات منذ التأسيس يعكس التزام الدولة بمواجهة التحديات الإنسانية على المستوى العالمي، وإنشاء وكالة الإمارات للمساعدات الدولية، ينظم تقديم المساعدات الحيوية، لتحسين الواقع المعيشي للشعوب، خصوصاً في مناطق الأزمات، وهو عزم على مواصلة مسيرة العطاء العالمي الرائد للدولة من خلال منظومة مستدامة للعمل الإنساني والخيري.
وقد نجحت الإمارات في تعميق مفهوم العمل الإنساني والخيري مجتمعياً، إذ صار الأمر لا يقتصر على العمل الحكومي فقط، وإنما بات سمة مجتمعية راسخة تجاه الدول المحتاجة والضعفاء والمنكوبين، ويمكن القول إن العمل الإنساني في دولة الإمارات تحول إلى أسلوب حياة تتناقله الأجيال، إذ إن العديد من الجهات المانحة والمؤسسات الإنسانية والخيرية في المجتمع، أضحت قادرة على تقديم المساعدات وإحداث أثر إيجابي في مناطق الأزمات والنزاعات في أصقاع العالم.
وفي رحلة العطاء الإنسانية، تؤدي دولة الإمارات دوراً في دفع جهود الاستدامة والتنمية الدولية، حيث تراعي المساعدات احتياجات الشعوب والحد من الفقر وبناء مشروعات تنموية تساعد في تحقيق التنمية المستدامة، في سياق دور محوري يستثمر في الإنسانية والاستقرار والتنمية والشراكة مع الدول والمنظمات الدولية لصالح العمل الإنساني.
ولا تكتفي دولة الإمارات بالعمل المنفرد، بل تتعاون أيضاً مع المنظمات الدولية الفاعلة في المجال الإنساني، خصوصاً الوكالات الأممية، وتُصنف الإمارات على أنها من أكبر الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية الدولية، ولاسيما في برامج مساعدة اللاجئين، والأمن الغذائي، ودعم الوكالات الإنسانية في مناطق الأزمات على كل المستويات.
ومن أجل تنسيق المساعدات الإنسانية الخارجية وجمع خبرات الجهات الإماراتية القائمة على تقديم الاستجابة الإنسانية، أُسِّست وكالة «الإمارات للمساعدات الدولية»، لدعم المجتمعات المتضررة من الأزمات والكوارث، بالتخطيط الدقيق لعمليات الإغاثة والتنمية، وبناء شراكات قوية مع المنظمات الدولية والحكومات الأخرى لتوسيع التعاون في مجال العمل الإنساني، بما يرسخ مكانة وفاعلية الدولة في العمل الإنساني، ويبرز نموذج الإمارات العابر للحدود كمثال يُحتذى به في خدمة الإنسانية والتنمية المستدامة.
باحثة - رئيسة قسم التطوير والتأهيل- مركز تريندز للبحوث والاستشارات